السبت، 29 أكتوبر 2011

مقارنة تاريخية بين نهاية الطاغية القذافي والديكتاتور موسوليني


حسين الفقي


باديء ذي بدء نطلب من الله القدير أن يرحم أرواح شهداء ليبيا ، شهداء العزة والشرف والكرامة والحرية ، وتحية تقدير لمجلسنا الوطني الإنتقالي .
وبعد … فالحمد لله الذي جعل نهاية هذا الطاغوت على يد الشعب الليبي ، الشعب الذي عانى طويلاً من ويلات وظلم هذا المجرم ، وفي هذه المناسبة السعيدة بفرحة الشعب الليبي بتحرير كامل التراب الليبي والنصر الذي أيدنا الله به ، فإنه يتبادر إلى الأذهان حادثة تاريخية تُعيد نفسها ، فكما يُقال : التاريخ يُعيد نفسه ، نجد نهاية القذافي تُذكرنا بنهاية الديكتاتور { بينيتو موسوليني / Benito Mussolini  } (1883 م / 1945 م ) والذي تم إعدامه على يد الشعب الإيطالي في يوم 28 أبريل 1945 م ، حين كان يُحاول الفرار متخفياً في سيارة ومعه عشيقته ( كلارا / clara petacci  ) وكان قبل ذلك يدعي بأنه سوف يخوض ماأسماه معركة الشرف الكبرى والأخيرة ، وعندما عرف أن أنصاره المخلصين لايزيدون على عدة عشرات من الأشخاص ، وأنهم أخذوا ينفضون من حوله بسرعة عندما شاهدوا الزعيم يهذي وبه مس من الجنون ، فما كان من الديكتاتور إلا أن لاذ بالفرار مختبئاً في مؤخرة سيارة نقل متجهاً إلى الحدود محاولاً الدخول إلى سويسرا ، ولاكن قوات مجلس جبهة التحرير الشعبية الإيطالية التي كانت تطارده قبضت عليه ، حيث كان السائق من ضمن أفراد المجلس الإيطالي ، فأوقف سيارته قبل أن يصل الحدود السويسرية وأمر الديكتاتور وعشيقته بأن يترجلا من السيارة وهو يُشهر بندقيته في وجههما ، وقال لهما بأنه قاتلهم باسم الشعب الإيطالي .
وبذلك أُعدم الديكتاتور وعشيقته – مع أنها كانت غير مطلوبة – واُعدم معه 15 من معاونيه ، وتم نقلهم ليُشنقوا مقلوبين من أرجلهم في محطة البنزين في ميلانو ، وتُعتبر هذه الطريقة في الإعدام مخصصة للخونة في روما القديمة ( التي حاول موسوليني إعادة أمجادها ) وجائت جموع الشعب تسبهم وتشتمهم وتبصق عليهم وترميهم بما في أيديهم ، وفقد الشعب السيطرة على نفسه فأخذوا بإطلاق النار على الجثث وركلها بالأرجل ، وبعد ذلك أُخذت الجثث ودُفنت سراً في ميلانو ، وفي سنة 1957 م سُلمت جثة الديكتاتور موسوليني لأهله لتُدفن قرب مدينته التي ولد بها .
وهكذا تكون نهاية هذا الطاغية كنهاية كل الطغاة في العالم ، فمعروف عن موسوليني أنه كان يرى أن خيار السلام هو فكرة متعفنة ، وأن الفاشية لاتؤمن بالسلام الدائم ، وتفهم الحياة كواجب ونضال وقهر .
ومقارنة بما فعله القذافي بشعب ليبيا ، فقد عين موسوليني – أثناء استعماره لليبيا – قائداً يُدعى ( بونجيوفاني ) ومنحه سلطة مطلقة في حكم ليبيا وزوده بصلاحيات واسعة ، وجيش كبير بقيادة اللواء ( رودولفو جراتسياني ) واللواء ( بادوليو ) فأمر المفوض السامي الإيطالي الجديد بحل معسكرات القبائل في ولاية برقة ، وأمر قواته باحتلال مركز القيادة السنوسية بأجدابيا في سنة ( 1923 م ) وأثناء محاولاته اليائسة لتنفيذ خطته في الإستيطان الإستعماري في ليبيا ، قتل هذا الديكتاتور 200,000 شهيد من المواطنين الليبيين طوال ثلاث سنوات فقط ، قبل عثوره على الثائر شيخ المجاهدين الشهيد ( عمر المختار ) واعتقاله ومن ثم إعدامه رغم سنه الذي جاوز الخامسة والسبعين في قرية سلوق في 16 سبتمبر 1931 م ، وواصل هذا الديكتاتور استباحة الشعب الليبي فوصل عدد الشهداء إلى ( 570,928 شهيد ) .
ومقارنة بعدد ضحايا الطاغية القذافي نجد الرقم يماثل ضحايا موسوليني ، فمنذ انبلاج فجر ثورة 17 فبراير 2011 م المجيدة ، تجاوز عدد الشهداء الليبيين ( 50,000 شهيد ) على مدى تسعة أشهر فقط ، ناهيك عن أعداد المفقودين والجرحى .
ولاكن الله ليس بغافل عنه فجعل نهايته مثل ذلك الديكتاتور ، مطارداً ، ذليلاً ، مختبئاً في مواسير تصريف المياه ، وانتهى على يد الثوار الليبيين ، فكانت نهاية مخزية ، جزاءً بما اقترفت يداه .
بقلم: حسين الفقي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع :
1)جريدة الشرق الأوسط ، العدد 9383 ( 6 اغسطس 2004 م ) . متوفرة على الرابط التالي : www.aawsat.com/default.asp
2)ويكيبيديا ، الموسوعة الحرة. http://commons.wikimedia.org/wiki/category:benito_mussolini

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق